05 Jun
05Jun

تعزيز دور التربية الفنية عند الأطفال في المدارس 

-من أجل التأسيس (لفن الطفل)-

الأستاذة دراس سهرزاد

جامعة وهران2 محمد بن احمد


بمناسبة عيد الطفولة أهدي هذه الورقة إلى كل أطفال الجزائر متمنية لهم دوام الصحة و العافية

و النجاح و تحقيق الأحلام


تبقى لنا دائما الذكريات الجميلة برونقها و عبيرها في القلب، و عند تذكرها نشعر و كأننا نعيشها، نسمعها، تبدو انها حدثت لأول مرة بها امل و حياة و بين ثناياها ضحكات سعيدة تأخذنا الى أحاسيس جميلة ، أتذكر أول يوم لي في المدرسة و حكايات بها  تمر الآن أمامي في ثوان سريعة و أنا أقرأ هذه القصيدة (قصيدة المدرسة)

قضينا وقتا فيها       ومن صبح الى عصر

لكي نجني بها علما       نراه أعز من اللعب 

حسابات و أرقام       كهندسة و كالجبر

فنون كلها نفع       كرسم كان أو شعر

لغات الناس نعرفها       و أحداث لها تجري

فذا علم يؤهلنا       لجلب الخير للبشر

لشرع كان أو طب       ونفع حل عن حصر

لا يعد تدريس التربية الفنية للأطفال في المدارس اليوم ترفا، وإنما هو جزء مهم من متطلبات التعليم في العصر الحالي، حيث تدريس الفنون و تعلمها هو جزء مهم ومكمل لبرنامج التعليم العام و نظام التمدرس الذي يجب أن يتميز بالتربية المتعددة ثقافيا و بخاصة مع التطورات التكنولوجية مثل الحاسوب و الأنترنت ، كما أنها تحمي الأطفال (التلاميذ) من الافتقار  الى التربية الثقافية ، التي تساعدها على توظيف الخيال بطريقة ممتعة، فتتيح لها التعبير و الاستمتاع و المرح ، فعلى المدارس ودور الحضانة اليوم أن تعيي جيدا قيمة الفنون في التعليم و توليها جل إهتمامها ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل بين التعليم و الثقافة ،فأصبح اليوم من الضروري إعتبار تدريس الفن مادة أساسية و تجاوز الأساليب التقليدية التي تعتمد على الحفظ و استظهار المعلومات فلابد من التفكير في أساليب جديدة و حلول منهجية تساعد الأطفال (التلاميذ)  من اكتساب مهارات جديدة كالتفكير و القدرة على النقد و التحليل و التفسير و الاستنتاج و التقويم و إصدار الأحكام الإيجابية ، فتدريس الفنون يساعد على تنمية العقل على الحوار و إتخاذ القرار من خلال تزويدهم بالخبرات الفنية و المعارف الجديدة التي بدورها تكتشف مواهبهم و قدراتهم على الإبتكار.

لما الحاجة اليوم ضرورية للتربية الفنية في تعليم الأطفال (التلاميذ)؟

اليوم أكثر من أي وقت مضى ، نحن بحاجة إلى تدريس التربية الفنية وإلى طرح آفاق تعليمية و تنمية مهارات  الطفل العقلية ، وتدريبه على ابتكار و إنتاج الجديد المختلف.

              إن العالم اليوم يتجه بقوة إلى إقتصاد المعرفة إنتاجا و نقلا و إنتشارا ، فتعلم الفنون يمثل مكونا أساسيا في القرن 21 (حادي و العشرين)، و المحور الأساسي هو ممارسة الأطفال للفنون التطبيقة التي تهدف الى التربية "في" و التربية "من خلال" أي التربية بوجهيها النظري و التطبيقي، فوجود معايير لتدريس الفنون يساعد على تقديم المربي للطفل الاطار المعرفي و التطبيقي للفنون من خلال استخدام الحواس و الأدوات و التركيز الذهني و بهدف تطوير قدرات التواصل البصري لدى الطفل، ورفع مستوى الإحساس الجمالي، و توسيع وجهات النظر الشخصية و تنمية الوجدان، و القدرة على إصدار الاحكام النقدية على الكثير من الموضوعات من منظور ثقافته المحلية أو ثقافات متعددة و عالمية.

           يساهم تدريس التربية الفنية في المدارس التعليمية في تطوير إنتباه الطفل (التلميذ) على المستوى التعبير و القدرة على الإدراك، والبناء اللغوي لديه و موافقة وتسيير الوقت و حل المشكلات ونبذ العنف كما تعطي مادة الفن الأطفال و سائل الملاحظة لفهم العالم المحيط بها و التفكير الشخصي أو الذاتي و التأقلم مع الوضعيات الجديدة.

         الغاية من تدريس الفنون لدى الأطفال (التلاميذ) هو الكشف عن القدرات الحقيقية لتطوير الذكاء المعرفي و الابداعي لديهم،  فهم يمثلون الحلقة المهمة في نقل الثقافة المشتركة أي نقل التراث الثقافي من جيل الى جيل يقول أندريه مارلو (1901-1976) "الفن هو ما تصبح به الاشكال أسلوبا، فالنشاط الفني هو مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية و يختلف باختلاف الأرضية الثقافية و يتميز بالفعالية و الجهد الذي يبذله الطفل للتعبير عن أحاسيسه و مشاعره التي تجيش في نفسه أو تؤثر فيه تجاه ما يحيط به من مواقف إنفعالية و إجتماعية و عاطفية و بناءها بناءا متوازنا بالإضافة إلى تأكيد هذا الطرح في الجوانب الحسية و الوجدانية حيث يساعد على تنمية قدرات الأطفال على التخيل والتمييز و الإدراك من خلال التعبير الفني عن مكونات النفس ....أو الجنس أو العرق".

        تساعد التربية الفنية المعلم في الكشف عن المواهب الفنية المتميزة من التلاميذ ليس بغرض إظهارهم كفنانين و إنما لتشجيعهم و تقييم أعمالهم من الناحية الجمالية  والإبداعية لابد من تعزيز النشاط الفني الذي يمارسه الأطفال داخل المؤسسة التربوية و التعليمية لأنه يوسع فيهم الرؤية الجمالية للبيئة المحيطة بهم.

 إن الاهتمام بالفن اليوم هو ضرورة تربوية و ثقافية مثله مثل المواد  الأكاديمية والرياضة للطفل فهو يساعده على النمو و الإطراء و النضج على سبيل قول فرانز تشزك "ان الطفل لا ينتج صوره و رسومه للكبار، و لكن ليحقق رغباته و أحلامه"يجب علينا اليوم أن نؤكد على ضرورة تعليم الفنون للأطفال التلاميذ من أجل التأسيس (لفن الطفل) و يتابع قوله تشزك "إنني أقدر ما ينتجه الأطفال فهو أول و أنقى مصادر للخلق الفني"

       مثلا الأطفال يرسمون و يتكلمون و يتحركون في نفس الوقت و يعبرون  برسوماتهم عن الأشياء التي لم يستطعوا التعبير عنها لغويا، فلنترك الأطفال يشخبطون بأقلامهم على الأوراق و يسلون أنفسهم بالألوان ، يغنون، يرقصون ويعزفون، يمثلون و يكتبون قصصهم فهذا يشعرهم بالحرية في التعبير، و علينا نحن الكبار عدم التدخل بل التشجيع و الثناء فعندما ننظر أو نتحدث مع طفل يثير فينا الحنين إلى ما هو عليه،  و الشعور بالاحترام لما قد يكون عليه في المستقبل.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة