13 Jun
13Jun


حديث السبت في حلقتين التاسعة والعاشرة على منتدى لاغورا  

الحلقة التاسعة: عنترة ابن شداد العبسي لا أستطيع التنفس  Breath  Ican’t

الحلقة العاشرة: المتنبي الرثاء أو تأمل في الموت


الأستاذ بن مزيان بن شرقي

جامعة وهران2




حديث السبت في حلقته التاسعة على منتدى لاغورا  

 عنترة ابن شداد العبسي لا أستطيع التنفس  Breath  Ican’t


نظرا لما يجري من أحداث على الساحة السياسية العالمية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد قتل المواطن جورج فلويد وصرخته لا أستطيع التنفس  Breath I can’t اسمح لنفسي أن أعود لشاعر من تراثنا العربي ناضل بكل ما يملك من أجل أن يتنفس، يتنفس الحرية والحق في الاعتراف وأقصد بذلك عنتره ابن شداد العبسي. أعود لأطرح سؤالا على نفسي طرحه منذ مدة طويلة في إحدي المقالات التي قارنت فيها بين سقراط من الثقافة اليونانية وعنترة ابن شداد في الثقافة العربية في قبولهما الموت بدل حياة الإهانة والذل، والسؤال الذي أطرحه ماذا كان من الممكن أن يبقي من كرامة وإنسانية العربي لو قبل عنترة أن يهان؟ . لقد واجه سقراط في الثقافة اليونانية/الإنسانية قضاته رغم علمه بأنهم ليسوا على حق، ودافع عن رأيه لأنه كان يعي بأنه يقدم العقل وصفة دواء، ودافع عنتره/ في الثقافة الانسانية عن سلوكه بشعره وبشجاعته لأنه كان يعي بأن السلوك وحسن التدبر هما أعلى درجات المعقولية. هذه الصورة تحضرنا اليوم وأنا اشاهد مثلكم ردة الفعل للمواطنين في أمريكا وفي بعض بلدان العالم حينما يتعلق الأمر بكرامة الانسان.

لقد أصبح شعار لا أستطيع التنفس  Breath I can’t  وجهة أخري للتفكير في الإختناق كوسيلة جديدة لممارسات السلطة. فما هي ردود الفعل؟ أترك لكم هذه الأبيات من معلقة عنترة ابن شداد وهي من روائع الشعر العربي.Haut du formulaire


هل غادر الشعراء من متردم

أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي

وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي

*********************

وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ

مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ

*********************

يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ

حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ

صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ

كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ

شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت

زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ

وَكَأَنَّما تَنأى بِجانِبِ دَفَّها ال

وَحشِيِّ مِن هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ

************************

أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني

سَمحٌ مُخالَقَتي إِذا لَم أُظلَمِ

وَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ

مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ

وَلَقَد شَرِبتُ مِنَ المُدامَةِ بَعدَم

رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشوفِ المُعلَمِ

بِزُجاجَةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ

قُرِنَت بِأَزهَرَ في الشَمالِ مُفَدَّمِ

فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ

مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ

وَإِذا صَحَوتُ فَما أُقَصِّرُ عَن نَدىً

وَكَما عَلِمتِ شَمائِلي وَتَكَرُّمي

وَحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكتُ مُجَدَّل

تَمكو فَريصَتُهُ كَشَدقِ الأَعلَمِ

سَبَقَت يَدايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ

وَرَشاشِ نافِذَةٍ كَلَونِ العَندَمِ

هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ

إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي

إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ

نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ

طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً

يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ

يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني

أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ

وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ

لا مُمعِنٍ هَرَباً وَلا مُستَسلِمِ

جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ

بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكُعوبِ مُقَوَّمِ

فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ

لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ

فَتَرَكتُهُ جَزَرَ السِباعِ يَنُشنَهُ

يَقضِمنَ حُسنَ بِنانِهِ وَالمِعصَمِ

وَمِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكتُ فُروجَه

بِالسَيفِ عَن حامي الحَقيقَةِ مُعلِمِ

رَبِذٍ يَداهُ بِالقِداحِ إِذا شَت

هَتّاكِ غاياتِ التِجارِ مُلَوَّمِ

لَمّا رَآني قَد نَزَلتُ أُريدُهُ

أَبدى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ

عَهدي بِهِ مَدَّ النَهارِ كَأَنَّم

خُضِبَ البَنانُ وَرَأسُهُ بِالعِظلِمِ

فَطَعَنتُهُ بِالرُمحِ ثُمَّ عَلَوتُهُ

بِمُهَنَّدٍ صافي الحَديدَةِ مِخذَمِ

بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ

يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوأَمِ

يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَن حَلَّت لَهُ

حَرُمَت عَلَيَّ وَلَيتَها لَم تَحرُمِ

**********************

لَمّا رَأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم

يَتَذامَرونَ كَرَرتُ غَيرَ مُذَمَّمِ

يَدعونَ عَنتَرَ وَالرِماحُ كَأَنَّه

أَشطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدهَمِ

ما زِلتُ أَرميهِم بِثُغرَةِ نَحرِهِ

وَلَبانِهِ حَتّى تَسَربَلَ بِالدَمِ

فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ

وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ

لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى

وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي

وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَه

قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ

وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِس

مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ

ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي

لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ

وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر

لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ

الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُم

وَالناذِرَينِ إِذا لَم اَلقَهُما دَمي

إِن يَفعَلا فَلَقَد تَرَكتُ أَباهُم

جَزَرَ السِباعِ وَكُلِّ نَسرٍ قَشعَمِ

************

(منقول)

إلى اللقاء في الحلقة القادمة  ( لم يبق لنا سوي ثلاثة شعراء المتنبي، المعري ومحمود درويش ونختم حديث السبت)

شكرا لجميع الأصدقاء

 بن شرقي بن مزيان







حديث السبت في حلقته العاشرة على منتدى لاغورا  

الحلقة العاشرة: المتنبي الرثاء أو تأمل في الموت


أعرف أنكم منذ البداية كنتم تنتظرون حديثا عن المتنبي لا لشيء سوي لأن كل حديث عن الشعر العربي في رأيي لا يمكن أن يمر عليه الإنسان دون ذكر بعض الأسماء البارزة والتي صنعت الشعر العربي، والمتنبي واحد من أيقونات الشعر العربي. اليوم أخترت المتنبي وسأخصص الحلقة القادمة للمعري وأنا أتذكر في الثقافة العربية المعاصرة صورة شبيهة بهذيان الاسمين وأقصد طه حسين والعقاد فهل يمثل طه حسين المعري وهو الذي خص به كتابا بل أنه يعتبر المعري شبيهه في محنته محنة فقدان البصر، وإن كانت لعميد الأدب تبريراته وهل نعتبر من جانب آخر العقاد المتنبي بطبيعة الحال بعيدا عن كل توصيف للحياة الخاصة للشخصين؟ تساؤل يبقي معلقا إلى حين. ولكن ما أردت تناوله مع المتنبي اليوم غرض مغاير لما أعتدنا عليه أو ما أشتهر به المتنبي نفسه وهو الفخر والمدح. أردت أن أعود لقصيدة في الرثاء رثاء والدة سيف الدولة إن اختيار هذه القصيدة لم يكن اعتباطيا بل مقصود، والقصد ممن ورائه أراه في جانبين:

يتعلق الجانب الأولى بما نعيشه خاصة وأن العالم كله يعد من الوفيات اليومية بالألاف وكيف أننا ننتظر كل يوم تعداد الموتى بعدما كنا ننتظر أخبار المواليد. لم نكن يوما نتوقع أن وسائل الإعلام واللجان الحكومية الخاصة تشكل لكي تعلمنا يوميا بعدد الوفيات.

أما الجانب الثاني فيتعلق بنظرة المتنبي للموت. نظرة أحسب أنها تلخص تصورا متميزا لمفهوم الانسان داخل الثقافة العربية الإسلامية خاصة وهو يقول:

 وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا           لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ

وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ      وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ

نص القصيدة  في رثا ء والدة سيف الدولة

Haut du formulaire


نعد المشرفية والعوالي

وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ

وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ

وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي

وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديماً

وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ

نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ

نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ

*******************

كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ

وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ

صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ

عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ

عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً

وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ

فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصاً

جَديداً ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي

وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا

بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ

أَطابَ النَفسَ أَنَّكَ مُتَّ مَوتاً

تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي

****************

أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ

وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي

يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي

وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ

وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ

لَوَ أَنَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ

******************

نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ

بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ

تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى

وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ

بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ

طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ

********************

وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي

تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ

وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ

يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ

*********************

وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا

لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ

وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ

وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ

وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا

قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ

يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضاً وَتَمشي

أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي

وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي

كَحيلٌ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ

وَمُغضٍ كانَ لا يُغدي لِخِطبٍ

وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ

****************       

منقول

أشكركم ونلتقي السبت القادم في لقاء ما قبل الأخير مع أبي العلاء المعري لنكمل الحديث عن الموت والحياة

بن شرقي بن مزيان



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة