30 May
30May

حديث السبت في حلقته الثامنة


من إعداد الأستاذ بن مزيان بن شرقي

جامعة وهران2 محمد بن احمد


يزخر الشعر العربي الجاهلي بقصائد متميزة ومتنوعة الأغراض، ولعل من بين القصائد التي تستحق التوقف عندها اليوم قصيدة لقيط بن يعمر الأيادي، قصيدة غالبا من نحفظ منها بيت مطلعه :  أبلـغ إيـادا وخلل فى سـراتهـــم ... أنى أرى الرأى إن لم أعص قد نصعا. وإذ أعود اليوم لهذه القصيدة فذلك لعدة أسباب جرتني إليها الأحداث السياسية التي يعيشها عالمنا العربي. أعود لقصيدة لقيط ليس من زاوية المختص في الشعر فذلك أمر له أصحابه الذين يعرفون الأمر أحسن بكثير ولكني أعود للقصيدة من زاوية مغايرة لأني أري بأن القصيدة تزخر بمعاني متعددة منها:

  • ما يمكن تسميته بلغة العصر دور الدبلوماسية، وهذا الأمر بالرغم لم يكن معروفت كما هو الحال عندنا اليوم، ولكننا يمكن أن نستشف ذلك في شخص لقيط فهو وبالرغم من أنه كان يعمل في ديوان كسري إلا أن الأمر حينما تعلق بقبيلته، أياد، لم يتوان في إبلاغ قومه بالخطر المحدق بهم وكان ذلك في قصدتين مهمتين الأمر الذي كلفه حياته.

  • دور الخبر والاستعداد للعدو: لم تكن القصيدة التي أمامنا سوي وسيلة إبلاغ بالخبر مرفقة بالتنبيه والحرص على الإستعداد للعدو ( الأبيات 7-9 و غيرها  خاصة البيت  59 و60)

  • الوصف الدقيق المبني على قاعدة الفراسة، باللغة العصرية التحليل الأنثربولوجي حينما يقول:

                   خٌزرا عيونهم كأن لحظهم ............... حريق نار ترى منه السنا قطعا

                 لا الحرثٌ يشغلهم، بل لا يرون لهم......... من دون بيضكم ريا ولا شبعا

  • إستراتجيات الحرب وكيفية الإستعداد لها حينما يقول:

                  صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم ..... وجددوا للقسي النبل والشرعا

                    واشروا تلادكم في حرز أنفسكم..... وحرز نسوتكم، لا تهلكوا هلعا

***************** 

- لا تثمروا المال للأعداء، إنهم..... إن يظفروا يحتووكم والتلاد

**********   

قوموا قياما على أمشاط أرجلكم.... ثم أفزغوا، قد ينال الأمن من فزعا

لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه.... هم يكاد سناه يقصم الضلعا


  • العبرة االخامسة إذا ما أردنا أن نسقط القصيدة على أحوالنا اليوم فهي تعبر أشد تعبير عما يدور على الأقل بين دول الخليج وإيران، وكأني بالتاريخ يعيد علينا أحداثه هل هو صراع أبدي أم أن للتاريخ مخارج ثانوية أخري تتحين فرص الظهور على الساحة؟؟

نص القصيدة

-يا دار عمرة من محتلها الجرعا ... ......هاجت لى الهم والأحزان والــــوجعا.
- تامت فؤادى بذات الجزع خرعبة ........ مرت تريد بذات العـــذبـــة الـبـيـعا.

-جرت لما بيننا حبل الشموس فلا ......... يأسا مـبينــا أرى مـــنها ولا طمعا.
-بمقلتى خاذل أدماء طـــاع لـــهـا ........... نبت الرياض تزجى وسطـــه ذرعا.
- وواضح أشنب الأنياب ذى أشـر ........ كالأقــــحوان إذا مــا نــوره لــمـعا..
- فــما أزال عـلى شحــط يؤرقنــى ... .....طيف تعمد رحـــــلى حيثما وضــعا.
- إنى بعيـنى إذ أمـت حمـولهـــــم ... ........بطن الســلوطـح لا ينظرن من تبعا.
-طـورا أراهم وطـورا لا أبينــهـم ... .........إذا تواضـــع خـــــدر ساعة لــمــعا.
-بل أيـها الراكب المزجـى على عجل ... .....نحو الــجــزيرة مرتـــادا ومنـتجــعـــا.
- أبلـغ إيـادا وخلل فى سـراتهـــم ... أنى أرى الرأى إن لم أعص قد نصعا.
- يا لهف نفسى إن كانت أموركم ... شتى وأحكم أمر الناس فاجتمـــــعا.

-ألا تخـــافــون قــوما لا أبـالكــم ... .......أمسوا إليكم كأمثـال الدبــا سرعـــا
- إنى أراكم وأرضا تعجبون بهــا ...... مثل السفينة تغشى الوعث والطبعا.
أبناء قوم تــأووكم عـلى حـنـق .......... لا يشعرون: أضـــر اللـــه أم نـــفعا.
- أحرار فارس، أبناء الملوك لهـم ... ......من الجموع جموع تزدهى القلـــعا.
-فهم سراع إلــيكم بـين ملتقــط ....... شوكا، وآخر يجنى الصاب والسلــعا.

-لو أن جمعهم راموا بهدته  ....... ..شم الشماريخ من ثهلان لا نصدعا

-في كل يوم يسنون الحراب لكم .... .....لا يهجعون إذا ما عافل هجعا

-خٌزرا عيونهم كأن لحظهم ............... حريق نار ترى منه السنا قطعا

-لا الحرثٌ يشغلهم، بل لا يرون لهم......... من دون بيضكم ريا ولا شبعا

وأنتم تحرثون الأرض عن سفه...............في كل معتمل تبغون مزدرعا.

***********************************************************

***********************************************************

وتلبسون ثياب الأمن ضاحية ....... لا تجمعون، وهذا الليث قد جمعا

أنتم فريقان: هذا لا يقوم له.... ....هصرٌ الليوث، وهذا هالك صقعا

***********************************************************

ما لي أراكم نياما في بلهنية .........وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا

فاشفوا غليلي براي منكم حسن.... يٌضحي فؤادي له ريان قد نقعا

***********************************************************

صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم ..... وجددوا للقسي النبل والشرعا

واشروا تلادكم في حرز أنفسكم..... وحرز نسوتكم، لا تهلكوا هلعا

******************************************************

- لا تثمروا المال للأعداء، إنهم..... إن يظفروا يحتووكم والتلاد معا

**********************************************************

قوموا قياما على أمشاط أرجلكم.... ثم أفزغوا، قد ينال الأمن من فزعا

لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه.... هم يكاد سناه يقصم الضلعا

***********************************************************

هذا كتابي إليكم، والنذير لكم  .... فمن رأى رأيه خير العلم ما نفعا

لقد بذلت لكم نصحى بلا دخل..... فاستيقظوا، إن خير العلم ما نفعا


(نقلا عن ديوان لقيط بن يعمر الأيادي شرح وتحقيق محمد ألتونجي دار صادر بيروت ط 1 سنة 1998 ).

أخيرا أشكركم وإلى لقاء السبت القادم مع قصيدة أخري من شعرنا العربي.


بن شرقي بن مزيان

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة