يزخر الشعر العربي الجاهلي بقصائد متميزة ومتنوعة الأغراض، ولعل من بين القصائد التي تستحق التوقف عندها اليوم قصيدة لقيط بن يعمر الأيادي، قصيدة غالبا من نحفظ منها بيت مطلعه : أبلـغ إيـادا وخلل فى سـراتهـــم ... أنى أرى الرأى إن لم أعص قد نصعا. وإذ أعود اليوم لهذه القصيدة فذلك لعدة أسباب جرتني إليها الأحداث السياسية التي يعيشها عالمنا العربي. أعود لقصيدة لقيط ليس من زاوية المختص في الشعر فذلك أمر له أصحابه الذين يعرفون الأمر أحسن بكثير ولكني أعود للقصيدة من زاوية مغايرة لأني أري بأن القصيدة تزخر بمعاني متعددة منها:
ما يمكن تسميته بلغة العصر دور الدبلوماسية، وهذا الأمر بالرغم لم يكن معروفت كما هو الحال عندنا اليوم، ولكننا يمكن أن نستشف ذلك في شخص لقيط فهو وبالرغم من أنه كان يعمل في ديوان كسري إلا أن الأمر حينما تعلق بقبيلته، أياد، لم يتوان في إبلاغ قومه بالخطر المحدق بهم وكان ذلك في قصدتين مهمتين الأمر الذي كلفه حياته.
دور الخبر والاستعداد للعدو: لم تكن القصيدة التي أمامنا سوي وسيلة إبلاغ بالخبر مرفقة بالتنبيه والحرص على الإستعداد للعدو ( الأبيات 7-9 و غيرها خاصة البيت 59 و60)
الوصف الدقيق المبني على قاعدة الفراسة، باللغة العصرية التحليل الأنثربولوجي حينما يقول:
خٌزرا عيونهم كأن لحظهم ............... حريق نار ترى منه السنا قطعا
لا الحرثٌ يشغلهم، بل لا يرون لهم......... من دون بيضكم ريا ولا شبعا
واشروا تلادكم في حرز أنفسكم..... وحرز نسوتكم، لا تهلكوا هلعا
*****************
- لا تثمروا المال للأعداء، إنهم..... إن يظفروا يحتووكم والتلاد
**********
قوموا قياما على أمشاط أرجلكم.... ثم أفزغوا، قد ينال الأمن من فزعا
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه.... هم يكاد سناه يقصم الضلعا
العبرة االخامسة إذا ما أردنا أن نسقط القصيدة على أحوالنا اليوم فهي تعبر أشد تعبير عما يدور على الأقل بين دول الخليج وإيران، وكأني بالتاريخ يعيد علينا أحداثه هل هو صراع أبدي أم أن للتاريخ مخارج ثانوية أخري تتحين فرص الظهور على الساحة؟؟