خلال الأسبوع الممتد من الثلاثاء 23 جوان لغاية الثلاثاء 30 جوان نشر الأصدقاء على صفحاتهم وتبادلنا ثلاث مواضيع تتعلق بالذاكرة ، والجماليات في عمومها.
الموضوع الأول: والذي يمكن أن نحمله عنوان في الذاكرة حيث نشر كل من سواريت بن عمر، عمارة الناصر وعبد الباقي هجرسي مواضيع متنوعة ولكن يمكن أن نجمعها تحت عنوان موحد يتعلق بالذاكرة. فقد نشر سواريت بن عمر على موقع الأغورا مقالا بعنوان من الروح الوطنية إلى مشروع الجزائر الجديدة. كما نشر عمارة الناصر على نفس الموقع مقالا بعنوان بذور الفلسفة في بيان أول نوفمبر. تلتقي هاتين الدراستين في هدف موحد يمكن أن نضع له عنوان التفكير الجديد في الذاكرة وهو مجالا ينبغي الإنتباه إليه لأنه ضروري لما له من إنعكاسات على مفعول الإحتقالية بالأعياد الوطنية مستقبلا خاصة ونحن أمام جيل مختلف وسيصير مختلقا أكثر في المستقبل ولذلك فهو بحاجة لإعادة التفكير. وليس ببعيد ذكرنا عبد الباقي هجرسي بالأستاذ والمؤرخ إبراهيم فخار رحمه الله حينما أعاد نشر مقاله المعنون ب ماهي علاقة بني برزل (المسيلة) بالبرازيل؟وهل هناك اسطورة اسمها كريستوف كولومب؟ منشور سنة 1974، وهو من المؤرخين القلائل من الذين إنتبهوا إلى ضرورة تناول التاريخ بمقاربات متعددة.
الموضوع الثاني: يمكن أن نحمله عنوان التراث والجماليات حيث نشر كل من عبد السلام بن عبد العالي، ورابح سبع، وكذلك تغريد عبد العال مواضيع متقاربة رغم إختلاف المقاربات. نشرت صفحة مؤمنون بلا حدود مقالا لعبد السلام بن عبد العالي بعنوان مسألة التراث عند مارتن هايدغر وأهم ما جاء فيه وهو يتحدث عن التراث ( ليس استذكار التراث إذاً استرجاعا لمبدأ تفسيري نعلل به تسلسل الوقائـع التاريخية. ولا يتم النظر إلى التراث هنا من خلال فلسفة في التاريخ ترد التاريخ إلى كلية ميتافيزيقية. إن الاسترجاع هنا، استرجاع لهوياتنا من حيث إن ذلك التراث تراثنا المنسي. غير أن النسيان لا يعني الغياب. (...) ليس العود إلى التراث إذاً رجوعا إلى ماض تأريخي؛ فالتراث يعنينا ويهم حاضرنا "فيما ينطوي عليه من غموض وما يقوى عليه من طاقة مستقبلية". لكن ذلك لا يعني مطلقا أن الأمر يتعلق "ببعث نفس خالدة" تحيا عبر السنين، وإنما، على العكس من ذلك، "بإبراز نفوس فانية" طالها النسيان وهمشها التاريخ.) . بدا لي بأن هذه المقاربة ليست بعيدة عما جاء في مقال رابح سبع والذي نشره على موقع Algériecultures.com، المقال المنشور يحمل عنوان Nouaisons culturelles حيث يعود لمفعول وقيمة الثقافة الشعبية من حيث هي مكون تراثي في حياة الأمم وأهم ما جاء في المقاربة ما نصه
( Ces derniers mois l’ont montré avec exaltation. C’est le retour de la société à ses véritables ressorts. À ses marques de toujours. Ce retour est un formidable signe de vigueur, de ferveur et de vitalité. Face aux indécrottables béances des officialités. Retour aux équilibres absents des sinuosités d’une pâle institutionnalité. (…) C’est le retour aux cultures du terroir. Que la société entend réhabiliter. Se les restituer. Des cultures étrangères à ce fourre-tout qu’on désigne par le terme nébuleux de société civile. (…)Des plaisirs ordinaires longtemps boudés. Des familles entièrement ressoudées. Une redécouverte des arts culinaires et une réconciliation avec le génie de nos tenues vestimentaires. Un fonds culturel gorgé de lumière. Eclairant, de nouveau, des quartiers qui retrouvent le sens du partage. Une solidarité enthousiaste, qui se sustente de la sève créatrice des profondeurs. Des sillons de la mémoire des douleurs. Et des élans vigoureux de l’incommensurable sens de l’honneur.)
وتناولنا للتراث لا يعني فقط ما هو محلي بقدر ما يعني ما هو داخل ضمن محيط الإنتماء للهوية ولعل أقرب بعد جغرافي للإنتماء هو القارة الإفريقية حيث أثار مقال منشور على صفحة الضفة الثالثة لصاحبة تغريد عبد العال بعنوان الفن التشكيلي والبشرة السوداء.. إقصاء المساواة والتعدّد. مسألة تناول السواد في الفنون الزيتية وفي الفن عموما تاريخيا هل شكل هذا الموضوع منزع مختلفا لما يمكن أن نسميه بعنصرية الفن؟ حيث يقول صاحب المقال ما نصه (يقول فرانز فانون في كتابه "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" إنه في جزر الأنتيل لا تستغرب أن تسمع الأمهات يقولن هو الأكثر سوادا بين أولادي، أي أنه الأقل بياضا، وكأن البياض هو مرجع اللون الأسود والعلاقة معه هي فوقية.
وربما لهذا السبب أو لغيره، لم يرسم فنانو عصر النهضة الأميرة أندروميدا سوداء بل بيضاء، عكس ما جاء في الأسطورة اليونانية التي نقلها لنا أوفيد في تحولاته. فأندروميدا كانت ملكة أثيوبيا، التي أنقذها بيرسيوس من وحش البحر فوق صخرة كبيرة وبعد ذلك تزوجها. ورسم الفنان بيرو دي كاسيو أندروميدا أكثر بياضا من الأشخاص حولها في لوحته الشهيرة: بيرسيوس ينقذ أندروميدا Perseus liberating Andromeda عام 1510.
تقول عدة أبحاث إن الفنانين في ذلك العصر لم يتخيلوا وجود امرأة سوداء وجميلة لذلك كانت معظم لوحاتهم لنساء بيضاوات حتى عن ملكة سبأ التي يقال إنها من أثيوبيا أو من اليمن وصورت أيضا كبيضاء. ولكن بدأت النساء السوداوات بالظهور في لوحات الفنانين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وذلك في أعمال مانيه وماتيس وغوغان حتى لوحات الفنانيْن الأميركو أفريقييْن رومير بيردن ورنغولد وغيرهما. وقد استضاف متحف أورساي العام الماضي معرضا قامت به الباحثة دينيس ميورل حول حضور النساء السوداوات في الفن الفرنسي في القرن التاسع عشر حتى عصرنا الحالي.
وابتداء من لوحة إدوارد مانيه (أولومبيا) عام 1863، التي تعتبر بمثابة ولادة الفن الحديث، يصور مانيه امرأة بيضاء عارية وبجانبها خادمتها السوداء وهي تحمل باقة من الورود. ووجود المرأة السوداء كان مهما بالنسبة لميورل التي تعتبر أن المرأة تأخذ حيزا مهما وسط اللوحة، وكانت تلك المرأة الموديل السوداء هي لور التي أعاد الفنان رسمها في لوحة أخرى سماها الزنجية، كدليل على أن الهوية الشخصية للمرأة السوداء كانت ما تزال غائبة في ذهنية الفنانين وفي الفن على حد سواء، ولكن متحف أورساي أعاد تسمية اللوحة (بورتريه لور) كمحاولة لالغاء التصنيفات العنصرية، وفي هذه اللوحة تحتل الحيز الكامل، وهكذا أعطى مونيه مكانا ما للمرأة السوداء التي أهملها النقاد.)
الموضوع الثالث: ذو طابع فلسفي نشره محمد جديدي هو مسألة الخطأ ( أخطأت ) ولعل ما طرحه محمد جديدي حينما قال ما نصه (ينما نتمثل مقولة الإنسان خطاء L'erreur est humaine يحسن بنا أن نردفها بفضيلة الاعتراف بالخطإ والاعتذار من الذين نخطئ في حقهم فتلك من أخلاق المروءة والشهامة) يستحق التعمق أكثر في المفاهيم الجديدة والراهنة التي بدأت تحمله معاني: الخطأ، المسؤولية، الإعتراف، المروءة وغيرها والتي يحتاج القاموس الفلسفي العربي منا جهدا إضافيا لتحينها.
الصورة الأولى نقلها محلوف سيدي أحمد ونشرها وهي تمثل البحيرة السوداء وتقع في قلب غابة أكفادو بين بجاية وتيزي وزو كما أشار إلى ذلك. أما الصورة الثانية فقد نشرها محمد جديدي على صفحته.
الصورة الأولى
الصورة الثانية
أغنية دحمان الحراشي غرو بيك العديان كمال عزيز Kamel Aziz يكمن تحميلها على الرابط
بن شرقي بن مزيان
إلى اللقاء في الحلقة القادمة والتي ستكون أخر حلقة ضمن سلسلة حديث الثلاثاء