حديث الخميس :الحقة الثانية حول المفكر البخاري حمانه
الثورة الجزائرية برؤية فلسفية
أ.د/ العربي ميلود، جامعة مستغانم
مخبر الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات. جامعة وهران2
من أهم المؤلفات المنجزة في الفترة المعاصرة بالجزائر كتاب الدكتور البخاري حمانة* الموسوم ب "فلسفة الثورة الجزائرية"، وفي تقديم هذا الكاتب نجد هذه الجمل حول الكاتب والكتاب تعبر بشكل عميق عن قيمة كليهما : " الكتاب يتناول مسألة هامة وخطيرة في الخطاب الفكري الجزائري، لأنها ترتبط بمسألة الهوية الوطنية.. وما يزيد من رونق وبهاء هذا الميلاد المعرفي الجديد، أن صاحب هذه اللحظة يعتبر أحد أعمدة البحث الفلسفي في الجزائر"[1] بالعودة إلى المؤلف الذي يعالج أحد أهم مراحل الجزائر المعاصرة، ثورة نوفمبر المجيدة التي زلزلت العالم كله في جوانبها الحربية والسياسية، تأتي مقاربة الأستاذ البخاري حمانة لهذه الثورة مقاربة فلسفية، فلربما نجد أن العديد من الثورات العالمية كانت أرضيتها ومنطلقها فلسفات إنسانية، كالثورة الفرنسية مثلا، لكن مع الثورة الجزائرية لم يكن المنطلق فلسفيا لكنها أنتجت فلسفة، أنتجت فلسفة للتاريخ مغايرة لفلسفة التاريخ الهيغلية، فلسفة نوفمبر كما يسميها المؤلف، فلسفة تداخلت في ثناياها مقاربات إسلامية وإسلاموية، علمية وعلمانية، شعبوية وماركسية.
وهنا تختلف الفلسفة في مفهومها الشائع عن مفهوم الفلسفة الثورية، فليست الفلسفة كما يقول الأستاذ البخاري "فلسفة من أجل التفلسف، دونما تفاعل يذكر مع الواقع المعاش وتحدياته المتعددة والمتجددة.. بل إن الفلسفة التي نريد ونقصد هي تلك الفلسفة النابعة من أعماقنا والقادرة على التعبير عن أمالنا وألامنا، عن أصالتنا وتفتحنا في الوقت نفسه، وذلك من خلال عملها على وصلنا بكل معطيات عصرنا، وبكل ايجابية ماضينا كذلك وفي نفس الوقت" [2] .
تعريف جزائري خالص للفلسفة من خلال فلسفة الثورة الجزائرية، نلمح الأستاذ البخاري من خلاله يدعو هو كذلك إلى الحق في التفلسف لمجتمعنا، فليس بالضرورة أن نطرح ذات المفاهيم الفلسفية الغربية ونقارب ذات الموضوعات، لكن أن نتفلسف من خلال تاريخنا وحاضرنا، ساعين لأن نغير شيئا من تعقيداته، مجارين قول ماركس ونداءه أنه على الفلاسفة أن يغيروا العالم لا أن يفسروه. وبالفعل كانت فلسفة الثورة الجزائرية خير مغير لواقع مجتمع بأكمله، حاول أن يؤسس لفلسفته من خلال جملة من العناصر التنظيرية والإجرائية امتزج فيها السياسي والإجتماعي والثقافي وكله تحت بوتقة فلسفة الثورة الجزائرية أو ثورة الفلسفة الجزائرية.
* - البخاري حمانة رحمه الله مفكر وأستاذ التعليم العالي بقسم الفلسفة جامعة وهران,من مواليد مدينة قمار – وادي سوف – جنوب الجزائر.بدأ مرحلته الابتدائية بمسقط رأسه,ثم انتقل إلى تونس ليكمل بها تعليمه الإكمالي والثانوي ,تم سافر إلى مصر ليواصل فيها مشواره الجامعي بجامعة القاهرة.تحصل على ديبلوم علم النفس عن رسالته المعنونة" الإدراك الحسي عند الغزالي",ثم نال دكتوراه الحلقة الثانية- جامعة الجزائر (قسم الفلسفة) "التعلم عند الغزالي"، كما تحصل على دكتوراه الدولة -جامعة وهران (قسم الفلسفة)- "فلسفة الثورة الجزائرية " .
تقلد عدة مناصب من بينها :
-رئيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين بالقاهرة, عضو اللجنة التنفيذية فيه 1962-1964,وموظف بالسفارة الجزائرية بالقاهرة ,مدير وكالة الأنباء الجزائرية بالقاهرة والمشرق العربي 1966-1972, رئيس لدائرة علم النفس وعلوم التربية 1972-1980, مدير معهد الفلسفة 1980-2000. كما شارك في عدة مؤتمرات دولية و وطنية وله العديد من المؤلفات والمقالات الدولية والوطنية.
[1]- البخاري حمانة ، فلسفة الثورة الجزائرية، ( التصدير)، دار الغرب للنشر والتوزيع وهران، ط1، 2005، ص 09.
[2]- المرجع نفسه ، ص 37.