25 Jun
25Jun


من الروح الوطنية إلى مشروع الجزائر الجديدة


 الأستاذ سواريت بن عمر، جامعة وهران2

مخبر الفلسفة وتاريخها


مرّر فعل الحراك في الجزائر بشكل سلمي، حضاري ومتحضر العديد من الأفكار العميقة والمطالب الأنطولوجية الواقعية وحاول صنّاع الحراك إنتاج وإبداع الكثير من الرموز الفعّالة التي تحمل فكرا وفلسفة من خلالها تتجلى فكرة إعادة الصلة والارتباط بين الإنسان الجزائري ووطنه الأم الجزائر. ويمكن اختصار كل هذه الشحنة من الرسائل التي ناظل من خلالها الإنسان الجزائري في ثورته السلمية الجديدة في فكرة مشروع الجزائر الجديدة.

 إن فكرة الجزائر الجديدة هي بمثابة تتويج لنظالات الإنسان الجزائري عبر تاريخه الطويل وفي مختلف المجالات وعلى مختلف الأوجه والجبهات، لقد أصبحت فكرة الجزائر الجديدة من الأفكار والعبارات التي يتداولها الإنسان الجزائري في يومياته الراهنة لما تحمله هذه الفكرة من ثقل في كيانه ووجوده اليومي والمستقبلي باختصار إن الجزائر الجديدة هي الرجاء والأمل الأخير الذي بقي لبعث روح جديدة، تجعل من الجزائر ملحمة احتفالية آمن بها  وحلم بها كل شهيد وكل مناضل في الجزائر العميقة.

إن الجزائر الجديدة هي المستقبل الذي طالما دافع عنه واستشهد من أجله الجزائري لكي يعيش الجميع في عدالة، حرية وكرامة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا كيف يمكن تحقيق هذا المشروع في أرض الواقع؟ وما هي الميكانيزمات والسبل المحققة لهذا الحلم الذي ينتظره الجزائري منذ سنوات طويلة؟

في تصورنا أن الجزائر الجديدة يمكن تحقيقها واقعيا وفعليا إذا توفرت مجموعة من الشروط الفعلية الأكيدة، وفي هذا المجال تعتبر الروح الوطنية وبعثها وإحيائها من جديد الشرط الأساسي والجوهري لإعادة تأسيس جزائر جديدة. إن استقلال الجزائر من فرنسا أو من الاستعمار كانت الروح الوطنية بمثابة المحرك والدافع للنضال. إن الروح الوطنية بمثابة الروح التي تسكن الجسد وبدونها لا حياة تذكر إنها الصلاة العالية في درجة الروحانية التي تربط الإنسان بوطنه باختصار إن الروح الوطنية هي الهوية والانتماء ومن ثمة هي المحبة والقداسة للوطن الذي نعيش فيه ونحيا من أجله ونموت في الدفاع عنه في تصوري أن الروح الوطنية قد خفت بريقها وانكمشت قوتها وضعفت فعاليتها وقلت قيمتها ووزنها ممّا جعل الجزائري يفقد قيمته وقيمة البلد الذي يعيش فيه.

 وتعتبر فكرة الشرعية من الأفكار الأساسية والمركزية لبعث مشروع الجزائر الجديدة. إن الشرعية التاريخية انحرفت عن خطها ومسارها فتحول التاريخ تاريخا مقدسا وتحول الأشخاص إلى كائنات معبودة يركع ويسجد كل من لا يحترم ويطيع ويقدس هالتها الإلهية، إن التاريخ الحقيقي يجب أن يكون عقلانيا يحمل أهدافا وغايات جوهرها تنمية ونهضة وتقدم الإنسان وليس مجرد نزوات ورغبات شخصية تبحث عن الانماء والتنامي من أجل سلطة وهيمنة غير شرعية وغير مشروعة.

لقد حان الوقت لإعادة ترتيب بيت الجزائر بشرعية جديدة أساسها العلم والتقنية أو ما يسمى في الأدبيات السياسية بالشرعية التقنو-علمية فهي الكفيلة في نظرنا بتحقيق مشروع الجزائر الجديدة.

فالعلم والتقنية أصبحتا بمثابة الشرعية الجديدة التي اعتمدتها كل الدول العظمى وهي الآن تجني ثمارها من خلال قيم الحداثة والقوة التي يعيشها وينعم بها مواطنوا هذه الدول.

إن مشروع الجزائر الجديدة حلم ليس ببعيد إنه سهل التحقق إذا توفرت النية الصادقة وتضافرت الجهود وتكافلت فيما بينها وتم تفضيل المصلحة العامة ونبذ المصلحة الشخصية والضيقة

 ولن يكون ذلك إلا من خلال حب الوطن والدفاع عنه دفاعا عقلانيا من خلال العلم والتقنية.

إن مشروع الجزائر الجديدة هي الانسان الجزائري الجديد كذلك إنسان العدالة، الحرية، التقدم والكرامة، والرفاهية...الخ، للأجيال الحالية والمقبلة.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة