24 Jul
24Jul


حيـــــاة المجتمــــع في التغــــيير

"تأملات في جزائر الغد"

"إن التغير قانون الوجود، وإن الإستقرار موت وعدم" هيراقليطس

واضح عبد الحميد، جامعة البليدة2

 

لطالما ارتبطت فكرة التغيُر، أو التغيير كما وُظفت هذه الكلمة اليوم في مجتمعنا الجزائري بحياة المجتمعات الإنسانية عبر مظاهرها المختلفة، وإن كان التغيير في الجزائر تعلق تحديدا بواقع البلد ومصيره، فقد برز كمطلبا جماهريا، وأخذ مشهدا تظاهريا عبر كافة ربوع الوطن، فإنه طرح في برنامج الجزائر الجديدة التي يناشدها الجميع، على أمل تحول مظاهر الحياة وظروف المواطن الجزائري إلى حال أفضل، كيف لا وهو الأمر الذي دافع عنه شهداء الأمس، ليحلم به كل فرد اليوم، حيث عجت مواقع التواصل الإجتماعي منذ انطلاق الحراك الشعبي بمطالب وأحلام الشباب بغد أفضل، الحراك الذي كان نقطة الانطلاق وبداية لهذا التغيير.

جزائر الغد جزائر التغيير، هي جزائر جديدة ناضل من أجلها أبطال صارعوا الظروف عبر تاريخ طويل، تاريخ الكفاح والنضال، ولأن الأحداث الكبرى هي التي تصنع التاريخ كما يقول الفيلسوف، فإن ثورة التحرير لهي حدث جلل وكبير في تاريخ الجزائر، حيث شارك فيها الكبير والصغير، المتعلم والأمي، المفكر والفيلسوف، وأسماؤهم عديدة وكبيرة لا تسعها هذه الأسطر، فبفظلهم ننعم اليوم في كنف الحرية والإستقلال، وكيف لا نذكرهم والتاريخ الآن يذكرهم، بل يعود بهم، فهاهي جماجمهم تعود إلى أرض الوطن الذي دافعوا عنه وهم أحياء، وهو اليوم يحتظنهم وهم أموات، بل "أحياء عند ربهم يرزقون"، وبما أن التاريخ متواصل ولا يمكنه التوقف، فقد وصل بنا إلى ما نعيشه ونشهده اليوم، هي جزائر حرة ومستقلة يحمل أبناؤها في قلوبهم أمانة الشهداء، أمانة الوطن، جزائر العزة والكرامة، ومن أجل ذلك رسم التاريخ أحداث وأحداث، فكان الحدث اليوم المطالبة بالتغيير حتى يحيا الوطن، بل بالرحيل، فاليرحل من ليس له مكان في بناء الجزائر، الوطن الذي يأمل به الجميع يبنيه الجميع.

إن وضعنا اليوم لا يمكنه أن يبقى على حال يمقته الجميع، إنها صيحة شعب يريد الرقي بالوطن، شعب يريد الربيع بعد الشتاء، يريد للزمن أن يستجيب للظروف والأقدار، ألم تكفيه الأعوام والسنين من بطش الإستعمار؟، ألم تكفيه عشرية سوداء وحمراء؟، ألم تكفيه عشرينية ظاهرها تقشف وتدبير، وباطنها نهب وسلب؟، أم أنه العيش المغلوب والمفروض على شعب قال عنه "مالك بن نبي" قابل للإستعمار، فهل سنبقى دوما نقبل بالإستعمار؟ وأي إستعمار، فاستعمار الأمس طويناه كما يطوى الكتاب، مع أن الدَّين لم يُكتمل بعد، أما استعمار اليوم فتجسده الأحوال والظروف، فالكل عالمها ولا داعي لذكرها. وماذا عن الغد؟ وهل يحق لنا أن نحلم ونأمل في إشراقة جديدة تنير علينا البلد بما نطمح إليه من تغير؟، هل سيتغير حالنا إجتماعيا وثقافيا؟، هل ستُفهم سياستنا؟، هل سينتعش إقتصادنا؟، هل ستشفى مستشفياتنا؟، هل ستتحسن ظروف تعليمنا؟، ماذا عن الزراعة والصناعة والسياحة، و....، ألا نملك المعطيات والآليات لتحقيق ذلك؟، أم أن الجزائر تفتقر لأبنائها الغيورين عليها، إننا لا نريد أن نبقى ندور في نفس الحلقة، كلما أقبلت علينا حكومة جديدة تفائلنا وكلما نُصب مسؤول انتظرنا، ويبقى الحال هو الحال، نحن لا نرغم أحدا بل إن الله قد منح البلد خيراته ونعمه ظاهرة وباطنة، إننا نرجوا التغيير الجميل حتى يعُم هذا الخير ونحيا ويحيا مجتمعنا. أم سيبقى التاريخ ينقضي، وتبقى أحلام الشباب معلقة في السماء، أم سيأتي الغد المشرق وتكتمل الأحداث، لتضيء الجزائر الجديدة، جزائر اليوم والغد.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة