28 May
28May

المقاومة مهمة مقدسة عند الأمير عبد القادر الجزائري


الأستاذة دراس شهرزاد، جامعة وهران2



"إنني لم أصنع الأحداث، بل هي التي صنعتني... إن الإنسان مثل المرآة، والمرآة لا تعكس  الصور الحقيقية إلا إذا كانت واضحة وصافية" عبد القادر 1848 


       تزامنا مع  الذكرى 173 عاما من تاريخ وفاة الامير عبد القادر الجزائري -المتوفي 28 ماي 1883 بدمشق- و إحتراما ومراعاتا لشخصه المحارب والخطيب والدبلوماسي و رجل دولة ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة التي كانت المهمة المقدسة لديه إرتأينا أن نتذكره من خلال هذه الصفحة لنقول أن الأمير عبد القادر الجزائري دخل بنا نحن الجزائريين التاريخ فبدأ معه التاريخ الحقيقي فهذا يكفينا للشعور بهويتنا و سيادتنا، متمنين أن نحضى بيوم وطني لذكراه وذكرى تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة. 

لم تكن المهمة سهلة، ولا الوضعية واضحة كما براد لها، حيث رفض رؤساء القبائل أن يسيروا تحت لوائه وأوامره وكانت الوضعية صعبة، ولكن عبد القادر لم يفقد الأمل(*).  

ركز الأمير على الجماهير الشعبية التي كان يدرك بأنها متعلقة بالإيمان والأرض وفي أول نداء له وجهه من مسجد معسكر، دعا إلى الوحدة ضد الذين تجرأوا على تدنيس أرض إسلامية، ودعا إلى ترك الخلافات الداخلية والأغراض الشخصية، حيث قال: "إن القضية المقدسة يجب أن تعلو كل المصالح الخاصة".

يقول الأمير:" ومن أجل ذلك إذن تولينا هذه المسؤولية الهامة (على مضض شديد) آملين أن يكون ذلك وسيلة لتوحيد المسلمين ومنع الفرقة بينهم، وتوفير الأمن العام إلى كل أهالي البلاد، ووقف كل الأعمال غير القانونية التي يقوم بها الفوضويون ضد المسلمين، وصد وطرد العدو الذي اعتدى على بلادنا مريدا أن يغل أعناقنا بقيوده...".     

المهمة صعبة، حيث أن الأمير عبد القادر كان يعي جيدا أن تمام النجاح في ميدان المعارك لا يكفي لتدعيم كذلك اتخذ القرار بإقامة سيادته على أرضية أكثر صلادة وذلك "بالاحتفاظ بمراكز قوية، وتشييد دور الأسلحة أو بناء المخازن والمستودعات الذخيرة.

كان الأمير عبد القادر دائما مصمما على ألا يتخلى أبدا عن مواقفه وعن مهمته المقدسة وهي أن المسلمون لا يرضون أن يكون تحت حكم الإفرنج فإن كانت دولة فرنسا تريد إخضاعهم بالقوة فدون ذلك حرب طويلة الذيل مديدة السيل".

كما أن العلماء قد أفتوا باستحالة عقد الصلح مادام الكفار على أرض إسلامية، وأوضحت الفتوى بأنه يعتبر متمردا كل من لا يستجيب ولا يطيع الأمير المبايع والذي يرفض دفع الضريبة الواجبة شرعا، ويمكن محاربة هؤلاء المتمردين بجميع الوسائل التي تسمح بها الحرب المقدسة.

وبعد أن تعزز موقف الأمير بتأييد العلماء ركز مجهوداته لفرض الوحدة، واستغلال فرصة السلم لبناء دولة حديثة، دعامة الأمة ووسيلة المقاومة.

فكانت المهمة المقدسة لدى الأمير هي تصوره الأمة طبقا للأرض، فالدولة الجزائرية يجب أن تشمل جميع الأراضي غير المحتلة، وكان هدفه الوحيد هو طرد الغزاة من أرض الجزائر، حيث قال: "بناء وتحقيق استقلال عرب الجزائر تحت سلطة واحدة".

أصبحت المهمة قائمة، وسيادة الأمير عبد القادر تنتشر على ثلثي الجزائر، وتمثلت إرادة الأمة، وتجسم الجهاد. وكانت المعركة تتطلب تنظيما محكما ودولة قوية، تلك كانت الأهداف الأولى للأمير عبد القادر في مهمته المقدسة.

 

الأستاذة الدكتورة : دراس شهرزاد


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة