03 Jun
03Jun

أمانة الطفولة


الأستاذ بلحضري بلوفة، قسم علم الاجتماع، كلية العلوم الاجتماعية

جامعة مستغانم


ما تزين بيت بطفل إلاّ زاده زينة وبهجة، وما تزين بيت بطفل إلاّ شمله الحبور والسرور. إذاً؛ هم الأطفال رأسمال الأسرة وسعادتها، وعماد المستقبل الذي يستشرفه المجمتع والدولة على السواء. إن إعداد الطفل إعدادا متوازنا ليجعل منه بذرة تذر بثمارها جيلا صالحا ونافعا لنفسه ولغيره. وإن إعداده إعدادا صالحا ليجعل منه بذرة جيل فاعل ومثمر، والأهم من ذلك كله؛ فإن إعداده إعدادا خُلقيا ودينيا فهو منجاة له والعامة جمعاء.

إذا كان الطفل يستشعر الحب في انقباضات رحم أمه، فهو بحاجة إلى نمنحه أياه وقد خرج إلى عالم من حوله، وإذا كان قد ألف رائحة أمه وعناقها وهو رضيعا، فكيف لا نمكنه إياه وهو يستجدي ملاعبة ومداعبه أمه وأبيه. إن الأطفال بحاجة إلى حضن يشعرهم بالأمان، إلى قلب يتسع لمشاكساتهم، إلى يد تربت على ظهورهم، إلى من يمسّح على رؤوسهم، إلى أسارير وجه طلق غير عبوس، إلى من يعانقهم ويضمهم إلى صدره ويقبل وجناتهم اللينة بابتسامة مشرقة، إلى ملامسة أم حانية، إلى رعاية وملاطفة ومداعبة، إلى أرجحة أب مفعمة بمشاعر متدفقة. وإن ذلك ليمنحه طاقة وارتياحا وبهجة وسعادة ويشعره بأنه مقبولا ومحبوبا. وإن ذلك ليذكي ثقته بنفسه ويساعده على تكوين شخصيته، ويجعل منه ذلك إنسانا سليما نفسيا متمتعا بهدوء عقلي ونفسي. كما يجعل منه ذلك إنسانا سليما بدنيا؛ فإن دورات النظم الحيوية تتقوى تتنشط لديه مثلما يشير إليه المختصون. فهل نحن كذلك مع أطفالنا؟ فليكف الوالدان عن ممارساتهم الخاطئة في تعاملهم مع أطفالهم، وليرفقوا بهم، ولا يورثوهم سلوك التوتر، لأن ذلك له تداعيات نفسية وخيمة عليه، فقد يصير ، منعزلا، انطوائيا، متشككا، بطيء الفهم، متخوفا ممن حوله ومحيطا به.

يتخذ إعداد الطفل قيميا في شريعتنا السمحاء مساحة تستطيل إلى القيم الفردية والمجتمعية مجتمعة، وإذا ما نظرنا إلى القيم الفردية التي ينبغي ترقيتها وترسيخها في نفسه لألفيناها متوزعة على القيم الروحية والأخلاقية كالصدق، الأمانة، الإيثار، الكرم، الحياء، البذل. ولئن نظرنا إلى القيم المجتمعية التي ينبغي توطينها في نفسه وذاكرته لوجدناها تتوزع أيضا على سلوك تربوي يجمع في منظومته قيمة التضامن، التعاضد، التكافل الاجتماعي. وترافق عملية الغرس هذه، عملية سابقة لها؛ إنها المعاملة.

وبمناسبة عيد الطفولة؛ إيذانا بتكريم الطفل، فإننا نأمل أن تحقق اللوائح الصادرة في ترقية حق الطفل حق التساوي في هذا التكريم للاستفادة من هذا الحق. أما الجزائر فإنها تحتفي وتحتفل بهذا اليوم المصادف لــ 01 جوان من كل عام، والأسرة الجزائرية مدعوة لتكريم طفلها بما يحقق سلامته العقلية والنفسية والبدنية، كما أنها مدعوة إلى تكريم طفلها من منطلقات مرجعيتنا السمحاء وقيم المجتمع وبما يحقق صلاحه ويجعله نافعا لنفسه ومحيطه ومجتمعه وبلده وأمته.


أ.د.بلحضري بلوفة

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة