العيد ما العيد... !!!
الأستاذ مراد قواسمي، جامعة مستغانم
مخبر الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات، بامعة وهران2
العيد ما العيد... !!!
جئت يا عيد وكنا ناظرين لك
جئت على غير المقام السعيد
عوّدتنا في كل عام أن نحلم باللقاءات والتصابيح
عوّدتنا على العناق ولبس الجديد
كنت تحمل في تباشيرك الحب والمديح
الودّ والغفران المجيد
تؤنسنا كلما أتيت
تجمع في رحابك القريب والبعيد
عِيدْكُمْ مَبروك...
تقبل الله منا ومنكم
...ألو...كلْ عام وانْتُومَا بخير...
عناق دافئ، كلمات التسامح، تقبيل واستقبال
جاء العيد...
العيد ما العيد... !!! فكيف يكون العيد ؟ !
ما هذا العيد ؟ ! أي عيد ؟
من أنت يا عيد ؟ ما أنت يا عيد ؟
تأتي اليوم غريبا، على غير عادتك
اليوم بالتحديد...
لن نصلي العيد
لا إقامة ولا ركوع لمن تورَّع في الصيام سَجِيد
وما اقتنيناه جديد
لن يبارح غُلقَانَ الجدران وأبواب الحديد
العيد ما العيد... !!!
ما كدنا نعرف هذا التهليل
وقد كنا فيما مضى نُكثر التبجيل...
مزّينو نهار اليوم...صحا عيدكم
مزّينو نهار اليوم...مبروك عيدكم
بوعلام تيتيش
وعبد الكريم دالي، أندلسيٌ عميد
ماتت العمة وأيضا جدّتي...
غادرونا فنسينا اللحن والتغريد
لن يكون لك طعم يا هذا العيد
فكل اللذين نحبهم ذهبوا
لماذا وعدتنا الفرحَ ما لم تُحقق الوَعيد ؟ !
عامُك هذا بدأ بأخبار المَوَات
موتٌ ثم موتٌ يجرّ أموات
والحياة ضحية، فصارت القلوب جليد
وقديما قال المتنبي بما عدت يا عيد ؟ !
تعود اليوم كما أنت، ونحن في خوف مديد
القَومُ خَوْفَى، وهذا الفقدان، ليصير الكل طريد
فقد أتى هذا العام من يُدعى باسم جديد
كورونا الموت... جاء من الشرق شريد
يأكل الأخضر واليابس، يَعدِل الذكي بالبليد
يملي طقوسه، ذوّبَ فوارق السادة والعبيد
اخضعوا يا طغاة الكون !
لكم الذل والهوان، لكم التهديد !
تسارعت أبحاث العلم ومحاولات التنظير،
واستأنسنا، جوعا، في طوابير السميد
آه يا صديقي...ليتنا نعرف الحياة والموت
فقد قالوا بأن المدفون مَرَضاً... بمثابة الشهيد
العيد ما العيد... !!!
يأكل السكون الأماكن والفضاءات
يا أيها الذي جاء على غرة
هل سرقت العقد الفريد
أم أن التيه يحكمنا
والضياع والجهل العنيد
الأشياء تتغير...الشرور تهلّ، فهل من مزيد
يا جيوش العسكر ارقصي على تسابيح السلاح
لعنة الأزمان والطمع والجشع والصَرَع
وليس بعد...
ليس اللقاح يُصنع بالدبابة ولو بجهد جهيد
انتظر أيها العيد...
لا تأت، عُدْ أدراجك
وامكث، طريح الفراش رقيد
فقد راح الذي كنا نُعِيد
أوّل الصباح
سكين القبر لحيد
سافر الذي كان أقرب من حبل الوريد
وهاهو القدر، يلحّ يتكرر، يتكوّر ويَتَمَنْكَرْ
ويصرّ بإصرار عنيد
يأبى إلا أن يضيّفنا
يتشرف بنا ويسقينا من ماء صديد
كل الأعياد متشابهة...إلا أنت يا عيد !
فقد أملَيتَ عليّ المكوث في البيت قعيد
ليست هذه مرثية، بل ترحيب بالعيد
العيد ما العيد !!!
مرحبا يا أيها العيد...
مراد قواسمي